الدرس الأول في العقيدة و منهاج المسلم مع عباس محمد

أسس العقيدة و منهاج المسلم
مقدمة علمية في أصول العقيدة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن علم العقيدة الإسلامية هو أساس الدين وركنه الركين، به تقوم أركان الإسلام، وبه يتميز المؤمن عن غيره. وهذا الدرس الأول يأتي ضمن سلسلة علمية منهجية تهدف إلى بيان أصول الاعتقاد الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
إن أهمية دراسة العقيدة تنبع من كونها تحقق الأمور التالية:
- إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له
- تصحيح المفاهيم والتصورات العقدية
- التمييز بين التوحيد والشرك
- التحذير من البدع والضلالات
- ترسيخ الإيمان في القلوب
المنهج العلمي المتبع في هذه السلسلة:
- الاعتماد على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة
- عرض المسائل العقدية بأدلتها الشرعية
- الربط بين العلم والعمل
- التركيز على الجانب التطبيقي للعقيدة
- الرد على الشبهات المعاصرة
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم، إنه سميع مجيب.
ما هو الواجب المفروض على المسلم معرفته في عقيدته؟
الواجب المفروض على المسلم هو:
- معرفة الله
- ومعرفة نبيه
- ودينه من القرآن والسنة بالأدلة والبراهين
- وأن يعمل بها
- وأن يصبر على الأذى فيها
- وأن يعلم المسلم ما هو سبب وجوده في الدنيا
- وأن يتذكر أنه في دار امتحان وبلاء وليس في دار الآخرة
- وأن يسعى لآخرته قبل دنياه
- وأن يعمر آخرته قبل إعمار دنياه، ويتحقق هذا بالعلم والتعلم
- أن يتعلم بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
- وأن يعلمها لذريته في المقام الأول وأهله ومجتمعه
نبدأ في المقدمة ويتلوها شرح مفصل مع الأدلة والبراهين من القرآن والسنة.
واجب على كل مسلم أن يعلم من هو الله ومن هو نبي الله. إعلم رحمك الله وهداك إلى صراطه المستقيم بمعرفتك بالله عز وجل ونبيه، يتشكل إيمانك بإذن الله. عندما تعلم من هو الله ومن هو نبي الله حق معرفة، لن يقف أمامك أي عائق ولا حزن ولا كرب ولا هم. فجوهر حياتك كلها كمسلم يتمحور في معرفتك بالله ونبيه، وإذا أتممتها فزت في الدنيا والآخرة. لذا عندما يتعلم المسلم دينه، ومنه يعلم من هو الله ومن هو نبي الله، عندها يُطِعِ الله والرسول، وهنا يتحقق شرط دخولك الجنة، والدليل في قوله تعالى: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ﴾ (69) من سورة النساء
إذا حتى يتحقق هذا الشرط عليك بالعلم حتى تعلم من هو النبي وتطيعه .
كيف تعلم من هو النبي؟
الجواب: عليك أن تتعلم سيرته المباركة، ومنها تعلم من هو النبي ﷺ: كيف كان يعامل أهل بيته وذريته وصحابته، وكيف كان مع أعدائه، وتعلم وتتعلم الصبر مثلما صبر، وتعلم وتتعلم منه الطباع الحسنة، وكيف كان وما فعل وما قدم من تضحيات طاعة لله، والأمور الكثيرة التي سوف تستفيد منها في إنجاح حياتك. وإذا علمت من هو نبي الله، حينها يرق قلبك وتحب نبي الله أكثر من نفسك ومالك وأهلك وولدك، ومنه يمكنك أن تتعلم كيف تكون مسلمًا صالحًا. وستجد نفسك تبحث عن دينك عطشًا أو كفاية. هنا إذا تعلم المسلم دينه، فعليه أن يتعلمه بالأدلة من القرآن والسنة، وبعد أن يتعلم عليه أن يعمل بما تعلم، وأن يطبق كل ما تعلمه من القرآن والسنة بحذافيرها، ويكون ما تعلمه نهجًا له ولأهله وذريته. وبعد أن اكتسب العلم والمعرفة يصبح مؤهلًا للدعوة، فعليه أن يدعو في سبيل الله مما تعلم، وأن يُعلم ما تعلمه. وإذا علَم ما تعّلم عليه أن يُعلم بالأدلة من القرآن والسنة. في طريقه للدعوة سيواجه الصعوبات، وقد يواجه الأذى، فعليه أن يصبر ويصابر ويحتسب أمره عند خالقه.
وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ وَالعَصرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ ﴾.
ولأن المسلم تعلم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، يَعلم منها كيف صبر نبي الله ﷺ على الأذى. هو نبي الله فهو ليس مجرد شخص عادي، لذا يكون المسلم مؤهلًا فكريًا ونفسيًا بعد تعلُمه سيرة النبي ﷺ. ورغم ذلك، ربنا الله لا يكلفك أكثر من استطاعتك، وعلى قدر استطاعتك اعمل. ونستدل في هذا من الآية الكريمة من سورة البقرة، وجاء في قوله تعالى: ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ [سورة البقرة:286]
وأيضًا الصبر على الأذى من المسلمين يعتبر من مكارم الأخلاق التي أتى بها أشرف الخلق نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم.
يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أكْملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهُم خلقًا . وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم
"أكمَلُ المؤمنينَ إيمانًا"، أي: أكثرُهم اتِّصافًا بصِفاتِ الإيمانِ ومِن أكثرِهم تزوُّدًا مِن الطَّاعاتِ، "أحسَنُهم خُلقًا"، أي: الَّذي يَمتَثِلُ بالخلُقِ الحسَنِ بينَ النَّاسِ جميعًا، فيُحسِنُ خلُقَه مع اللهِ عزَّ وجلَّ بالرِّضا بقَضاءِ اللهِ وقدَرِه، والصَّبرِ والحَمدِ في البلاءِ، والشُّكرِ عندَ النِّعمةِ، ويكونُ حَسَنَ الخلُقِ مع النَّاسِ بكفِّ الأَذى عنهم، وطَلاقةِ الوجهِ، والإحسانِ إليهم، وبَذْلِ العَطاءِ فيهم، مع الصَّبرِ على أذاهم ؛ فكمالُ الإيمانِ يُوجِبُ حُسْنَ الخُلقِ، والإحسانَ إلى النَّاسِ كافَّةً.
"وخيارُكم"، أي: أفضَلُكم وأحسَنُكم، "خيارُكم لنِسائِهم"، وفي رِوايةِ الترمذيِّ "ألْطفُهم بأهْلِه"، أي: في حُسنِ خلُقِه مَعهنَّ في المعاملَةِ والمعاشرَةِ، والمرادُ مِن النِّساءِ: أهلُه مِن النِّساءِ كزَوجتِه وبَناتِه وأخواتِه وقَريباتِه؛ لأنَّهُنَّ مَحَلُّ الرَّحْمةِ لضَعفِهنَّ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (بَابٌ: العِلمُ قَبلَ القَولِ وَالعَمَلِ، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: [فَاعلَم أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاستَغفِر لِذَنبِكَ]، فَبَدَأَ بِالعِلمِ قَبلَ القَولِ وَالعَمَلِ)
من قول البخاري رحمه الله تعالى العلم قبل القول و العمل
الإيمان يكتمل بالعلم والمعرفة. إذا تعلمت تكتسب المعرفة، وتعلم الشيء يمكنك التحدث بما تعلمت، والعلم يكسبك التمييز بين الصواب والخطأ.
من أطاع الرسول فقد أطاع الله، يُدخله الله تبارك وتعالى الجنة. ومن لم يطع الرسول وعصاه دخل النار. وربنا الله لم يتركنا دون نذير، بل أرسل إلينا رسولًا بلغنا وأرشدنا إلى الطريق الصحيح. لذا من أطاع قد فاز، ومن عصا قد خسر في الدنيا والآخرة. وقد يمتعه الله قليلا ثم يأخذه والدليل في قوله تعالى:
﴿ إِنَّا أَرسَلنَا إِلَيكُم رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيكُم كَمَا أَرسَلنَا إِلَى فِرعَونَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرعَونُ الرَّسُولَ فَأَخَذنَاهُ أَخذًا وَبِيلًا ﴾. [المزمل 15]
و أيضا قال تعالى:
﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [ لقمان 24]
الطاعة و الولاء
مَن وَحَّدَ اللَّهَ و أَطَاعَ الرَّسُولَ لَا يَجُوزُ لَهُ مُوَالَاةُ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانَ أَقرَبَ قَرِيبٍ، لا يجوز مولاة من يحارب الله ورسوله و لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مهما كان يكون أن كان ملك أو وزير أو غيرهم فهم عباد الله
وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ لَا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءهُم أَو أَبنَاءهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنهُ وَيُدخِلُهُم جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ أُولَئِكَ حِزبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحُونَ ﴾.
إذا هنا نفهم أن الله تبارك وتعالى خلقنا حتى نعبده ونوحده ونطيعه، وأن نوالي المسلمين وعباده الموحدين، وأن لا نطيع أي مخلوق كان في معصية الخالق مهما كانت منزلته في الدنيا. وإذا أطعنا الله ورسوله نكون صحبة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وهذا هو مطلب كل مسلم.
﴿ مَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ﴾ (69) من سورة النساء
أهم بند بعد معرفة الله و نبيه كيف أثبت في ديني ؟ و أرسخ دين الاسلام في مخيلتي و لا أنتكس؟
الجواب: هو أن نعلم سبب وجودنا في هذه الدنيا، وهو أن الله خلقنا وأمرنا بطاعته، وأن الحياة الدنيا في زوال، وأنها دار امتحان للمؤمن، وأنها في زوال، وأن مصيرك الجنة. وإذا وقعت في أي مصيبة، تتذكر أن الله لم يختر لي إلا الخير، وأنه أبعدني عن شر. وأن أتذكر أنه هناك ركنًا من أركان الإيمان، وهو الإيمان بقضاء الله وقدره خيره وشره. وأن أتذكر أن الحياة ليست دائمة، وأن أؤمن بأن الله سيفرج همي، وأن أملأ وقت فراغي بذكر الله والتوحيد، وأن أعمل بما تعلمت من ديني، وأن أسعى للتعلم.
الأسئلة يجب الإجابة عليها بعد مشاهدة الشرح و حفظ الدرس كامل.
- ما هو الواجب المفروض على المسلم معرفته في عقيدته؟
- ما هو دليل الصبر وتحمل الأذى في سبيل الله؟
- ما هو مصير من يُطع الله والرسول وما هو دليلك على هذا؟
- هل يجوز مولاة غير المسلمين ضد المسلمين وما هو دليلك على الإجابة؟
- من هو أكمل المؤمنين إيمانًا وما هو دليلك؟ اشرح لنا ما هو الواجب فعله ولماذا؟
- ما معنى وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم ؟ من قالها؟
- إذا سألتك عن مكارم الأخلاق وعن أحد أدلتها ماذا تخبرني؟
- ماذا قال البخاري عن العلم؟ ومن أين استنبطها هل من القرآن أو السنة ما هو الدليل؟
- كيف أعرف من هو الله؟ وكيف أعرف من هو النبي؟
ختام الدرس الأول
إلى هنا نكون قد أنهينا هذا الدرس المهم في أصول العقيدة، وقد تضمن الأسس التالية:
- بيان الواجبات العقدية المفروضة على كل مسلم
- أهمية معرفة الله ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم
- ضرورة طاعة الله ورسوله وموالاة المؤمنين
- بيان مكانة العلم في الإسلام وكمال الإيمان
طريقة المذاكرة والحفظ:
- اكتب الدرس في دفترك الخاص
- اقرأه كاملاً مرة أو مرتين
- احفظ الأدلة والبراهين الأساسية
- كرر الشرح لنفسك أو لزميل لك
- أجب عن الأسئلة المرفقة
ننتظر تفاعلكم عبر التعليقات مع العبارات التالية:
هذا الدرس جزء من سلسلة "المبسط الصغير في العقيدة" المستخلص من أمهات الكتب المعتمدة.
جميع الحقوق محفوظة © 2025
تأليف المرشد : عباس محمد
يسمح بمشاركة الدرس و يمنع النشر أو التوزيع دون إذن مسبق
أسأل الله العظيم أن ينفع بهذا العلم، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.